الاثنين، 11 فبراير 2013

قوس ماركوس أوريليوس عبر العصور


قوس ماركوس أوريليوس عبر العصور .

     يرى معظم الباحثين أن قوس ماركوس أوريليوس أنشىء عند تقاطع الشارعين الرئيسيين لمدينة أويا (طرابلس) ولذلك جاء تصميمه بأربع جهات. ويمكن الاستنتاج أن الطريق الذي كان يأتي من الميناء في اتجاه وسط المدينة مخترقاً القوس من الواجهة الشمالية الشرقية كان ذا أهمية كبيرة.
     ويرى البعض الآخر من الباحثين أن القوس كان يتوسط الميدان العام للمدينة (الفورم) وهو مركزها في ذلك العصر حيث كان محاطاً بالمباني الرئيسية العامة كالمعابد ودور العدالة وأجهزة الحكم المحلي. لكن هذا الرأي مستبعد جداً لأن كل القرائن تدل على أن هذا القوس كان يقع عند تقاطع الشارعين الرئيسيين للمدينة.
     وعن طريق النقش التذكاري الموجود على واجهة القوس تم التعرف على أنه شيد تكريماً للإمبراطورين (ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس) في أثناء اشتراكهما في الحكم في الفترة ما بين عام 161 – 169 م بمناسبة انتصارهما على البارثيين (الفرس). 
     لم تكن أقواس النصر تقام بمناسبة انتصار الإمبراطور الروماني على أعدائه فقط كما هو الحال في قوس ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس بمدينة أويا (طرابلس)، بل كانت تقام بمناسبات أخرى كإحياء ذكرى منح حق المواطنة الرومانيـة لمدينـة من المدن كما حدث في مدينة لبدة عند تدشين قوس ترجان 109  - 110 م. أو بمناسبة تدشين مدينة جديدة كما هو الحال في قوس الإمبراطور ترجان بمدينة (تيمقاد) بالجزائر. وأحياناً أخرى تشيد أقواس بمناسبة افتتاح طريق عام كما حدث في قوس (الإمبراطور ترجان) بمدينة بينيفينت بإيطاليا.
     هذا ما يخص استعمال قوس ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس بمدينة طرابلس في العصور القديمة. لكن هذا القوس مر بالعديد من التعديلات والإضافات لكي يستعمل للعديد من الأغراض الأخرى المختلفة. ولقد قام الرحالة العرب والأوروبيون بوصف هذا القوس فأشاروا إلى استعمالاته المختلفة عبر العصور ابتداءً من القرن الثالث عشر الميلادي حتى القرن العشرين.
     وورد أقدم وصف لهذا القوس حسب التسلسل الزمني عن طريق الرحالة المغربي محمد العبدري(1) (688 هـ - 1289 هـ). وقدم لنا هذا الرحالة وصفاً دقيقاً للقوس لا يختلف عن وصف أي عالم من علماء الآثار في العصر الحديث. وعلى الرغم من أن هذا الرحالة لم يشر إلى استعمال القوس أثناء مروره بمدينة طرابلس. إلا أن الكثير من القرائن المادية تدل على أن هذا القوس استعمل مسجداً صغيراً منذ العهود الأولى لوصول الإسلام إلى مدينة طرابلس. وقد اتضح ذلك جلياً من خلال الحفريات التي أجريت من قبل الإيطاليين حول القوس في الفترة ما بين 1912 – 1918 م. ومن بين نتائج تلك الحفريات العثور على عدة نقوش بداخل القوس ترجع لبداية الفتح الإسلامي للمدينة. وقد تم التعرف على التاريخ 75 هـ(2) (694 – 695 ميلادية). أيضاً تم التعرف على آثار سيلان زيت المصابيح التي استعملت في إنارة المسجد. وقد وجدت هذه الآثار على طبقات الجبس التي كانت تغطي جدران القوس.
     لقد زار الرحالة التجاني مدينة طرابلس بعد فترة وجيزة من زيارة الرحالة العبدري (706 – 708 هـ، 1307 – 1309 م). ومن المعروف أن التجاني أقام بمدينة طرابلس أكثر من ثمانية عشر شهراً. يقول التجاني في وصف قوس ماركوس أوريليوس "وبين هذه المدرسة (المدرسة المنتصرية) وباب البحر مبنى من المباني القديمة العجيبة وهو شكل قبة من الرخام المنحوت المتناسب الأعالي والنحوت التي لا تستطيع المائة نقل القطعة الواحدة منها. قامت مربعة فلما وصلت إلى السقف ثمنت على إحكام بديع، وإتقان عجيب صنيع. وهي مصورة بأنواع التصاوير العجيبة نقشاً في الحجر. وقد بني الآن عليها مسجد يصلى فيه. وأخبرت أن ذلك كان لأن بعض الكبراء حاول هدمها وأخذ رخامها.. الخ"(3).
     يقول التجاني في وصفه لقوس ماركوس أوريليوس أنه بنى عليه الآن مسجد يصلى فيه. وقد علل التجاني سبب بناء هذا المسجد أن بعض كبراء مدينة طرابلس حاول هدم القوس والاستفادة من رخامه حيث يقول "كان لأن بعض الكبراء حاول هدمها (أي القوس) وأخذ رخامها". ويبدو أن المقصود من وصف التجاني "بني الآن عليها مسجد يصلى فيه" هو أنه قد بني بداخل القوس مسجد، أي أن القوس نفسه قد حول إلى مسجد يصلى فيه.
     إن بناء المسجد فوق القوس غير معقول لأنه يسبب الكثير من المتاعب للمصلين بصعودهم خمس مرات في اليوم لأداء الصلاة المفروضة. أيضاً هذا غير معقول خاصة أن تحت تصرفهم الفضاء الداخلي من القوس. هذا من جهة، ومن جهة أخرى كيف يستطيع هؤلاء المصلون الصعود إلى سطح القوس لأداء الصلاة؟ أيضاً بناء المسجد فوق القوس يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد، في حين أنه يمكن الحصول على قاعة للصلاة بسهولة تامة بإغلاقهم فتحات القوس الأربعة. ومن خلال وصف الرحالة التجاني نستطيع التأكيد بأن بناء هذا المسجد كان بسبب الخوف من كبراء المدينة بأن يحطموا القوس ويستغلوا رخامه في مبان أخرى. وعليه فمن المنطقي لضمان حماية هذا المبنى أن تقام قاعة الصلاة داخل القوس وليس فوقه، لأن صعود المصلين خمس مرات في اليوم سوف يكون سبباً في تحطيم القوس وليس في حمايته. لذلك رأى سكان المدينة بعد أن حولوا القوس إلى مسجد إنشاء إما قبة عالية(1) أو منارة على شكل برج(2) وذلك لإعطاء هذا المبنى الأثري مظهر المسجد المتكامل وبالتالي حفظه من أيدي العابثين. والجدير بالذكر أن سكان مدينة طرابلس قد وقفوا نفس الوقفة الشجاعة حيال تحطيم هذا القوس أثناء العهد العثماني الأول خلال حكم محمد باشا الساقرلي 1631 – 1649م وإبراهيم داي 1676م حين قررا تحطيم هذا المبنى الأثري للاستفادة من رخامه في إقامة مبان جديدة(3).
     إن عمليات تحويل هذا القوس إلى مسجد دون علامة مميزة لتعطي له صفة المسجد غير كافية لحمايته من السطو عليه. لذلك قام سكان المدينة بإنشاء قبة أو منارة تعلو هذا المبنى بعد تحويله إلى مسجد لاستغلالها في الآذان من جهة. ومن جهة أخرى لكي يبدو المبنى لسكان المدينة، وخاصة الكبراء منهم على شكل مسجد كامل، وليس على هيئة قوس نصر حول إلى مسجد.
     ومن المعروف أن عمليات إضافة القباب والمنارات إلى المساجد عمليات مألوفة في زمن رحلة التجاني وقد وصف التجاني في رحلته هذه نفسها العديد من الإضافات للعديد من المساجد بمدينة طرابلس عن طريق العديد من الشخصيات. فقد وصف مسجد طرابلس الأعظم الذي يقع بين القصبة (القلعة) والمدرسة المنتصرية، والذي بناه بنو عبيد. لقد ذكر التجاني أن الصقلبي قد ابتنى به الماجل والقبة التي عليه. وذكر أن خليل بن إسحاق قد ابتنى المنار الذي به. ومن خلال هذا نستطيع التأكيد على أن القبة التي كانت تعلو قوس ماركوس أوريليوس والتي وصفها الرحالة العبدي، والتي ظهرت على الرسوم العسكرية لمدينة طرابلس في أثناء الاحتلال الأسباني 1510 – 1530م(1)، وكذلك على الرسم الذي يعود إلى بداية الاحتلال التركي عام 1559م(2)، ما هي إلا المئذنة التي كانت تعلو القوس بعد تحويله إلى مسجد. وقد أقيمت ضمن التعديلات والإضافات التي طرأت على القوس لتعطيه مظهر المسجد الكامل.
     لقد قام العديد من الرحالة الأوربيين بوصف هذا القوس بعد رحلتي العبدري والتجاني. ففي عام 1676م قام أحد السجناء الفرنسيين بطرابلس بوصف هذا القوس. ومن المعروف أن هذا السجين كان جراحاً مجهولاً لا نعرف عنه سوى اسمه الأول وهو "جيرارد" ولقد وقع بين أيدي رجال الأسطول البحري الطرابلسي عام 1668م وقد بقي في طرابلس رهن الاعتقال حتى عام 1676م لقد ترك لنا هذا الجراح مخطوطة تحتوي على 1108 صفحات سماها "التسلسل التاريخي لمملكة طرابلس" تقع هذه المخطوطة في مجلدين تحدث في المجلد الأول عن منطقة المدن الثلاث مـن الناحيـة الأثرية. أما المجلد الثاني فقد تحدث عن الأحداث التاريخية التي مرت بهذه المنطقة خلال النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي حتى عام 1682م.
     لقد أشار هذا الجراح الفرنسي خلال وصفه لقوس ماركوس أوريليوس إلى أن هذا المبنى قد أغلق من جميع الجهات عن طريق جدران ضخمة، وأنه استعمل مستودعاً لأشرعة وحبال السفن(1).
     في نهاية القرن السابع عشر أقام الرحالة الفرنسي "دو لاموثراي" بمدينة طرابلس خلال الفترة ما بين 21/4 إلى 3/5/1697م حيث قام بوصف قوس ماركوس أوريليوس ومن خلال هذا الوصف استطعنا التعرف على أن هذا المبنى قد استعمل مخزناً من المخازن التابعة لأمير البحر بمدينة طرابلس(2).
     لقد قام القساوسة "جود فروي" و"كوميلا" و"فيليمون" برحلة إلى مدينة طرابلس عام 1700م، وذلك لغرض التفاوض بشأن إطلاق سراح بعض القراصنة المسيحيين الذين وقعوا في الأسر. ومن خلال إحدى رسائل هؤلاء القسيسين علمنا أن قوس ماركوس أوريليوس في تلك الفترة كان مستعملاً مخزناً تابعاً لقائد البحر(3).
     وفي عام 1731م، وصل الرحالة "دولاكوندامين" مدينة طرابلس قادماً إليها من تونس، فوصف قوس ماركوس أوريليوس، ومن خلال هذا الوصف عرفنا أن هذا المبنى الأثري قد استعمل مخزناً من قبل الأتراك وقد أشار أن هذا العمل اضطرهم إلى زيادة في ارتفاع القوس حيث أنشأوا سوراً من الحجارة يعلو إفريز وطنف هذا المبنى(4).
     ومن خلال الرحلة التي قام بها "تولوت" إلى كل من الجزائر وتونس وطرابلس والإسكندرية والأراضي المقدسة والقسطنطينية خلال عامي 1731 و1732م ومن خلال فقرة بسيطة كتبها عن قوس ماركوس أوريليوس استطعنا التعرف بأن هذا القوس كان مازال مستعملاً مخزناً(5).
     لقد استطعنا الحصول على وثيقة أخرى عن استعمال جديد لقوس ماركوس أوريليوس عن طريق الكاتبة الإنجليزية "ماري ورتلي مونتاج" المعروفة لدينا باسم "مسز توللي". لقد أقامت هذه الكاتبة بمدينة طرابلس خلال الفترة ما بين 1783 – 1793م، وصفت خلالها الحياة العامة بالمدينة. ومن وصفها لقوس ماركوس أوريليوس استطعنا التعرف بأن قبة هذا المبنى مغطاة بأجمل المنحوتات. وقد أشارت بأنها لا تستطيع رؤية أي جزء من هذه القبة لأن "سكان المدينة الذين يجهلون قيمة هذا الفن قد ملاؤها بالملاط والأحجار لكي يحولوا هذه القبة إلى مجموعة من الحوانيت"(1).
     وفي عام 1818م قام الرحالة الإنجليزي "جورج فرانسيس ليون" بزيارة إلى مدينة طرابلس وقد وصف المدينة وقوس ماركوس أوريليوس. و؟أرفق مع وصفه رسماً يمثل القوس في ذلك العصر ومن خلال الوصف والرسم استطعنا التعرف بأن الفتحات الأربع للقوس سدت واستعمل المبنى مستودعاً(2).
     وزار الرحالة الألماني المشهور "هنريش بارث" مدينة طرابلس عام 1846م فسجل انطباعاته حول مدينة طرابلس خلال رحلته التي قام بها من المغرب إلى مصر. وأثناء إقامته بمدينة طرابلس وصف قوس (ماركوس أوريليوس) وأشار إلى أن أحد المالطيين قد أنشأ بداخله حانة(3).
     أما الرحالة الألماني "جيرارد رولفس" فقد وصل مدينة طرابلس للمرة الأولى يوم 16/12/1864م وفي شهر الربيع (مارس) عام 1865م عاد من جديد لزيارة هذه المدينة وترك لنا وصفاً مفصلاً لقوس ماركوس أوريليوس. وقد أشار هو الآخر إلى وجود حانة لبيع الخمور بين جدران هذا المبنى كان يملكها أحد المالطيين وقد ذكر أن هذه الحانة أغلقت أبوابها ليس تقديراً للمبنى الرائع الذي يرجع للعصور القديمة، ولكن بسبب وجود قانون تركي قديم يمنع تواجد الحانات قرب المساجد(1).  
     وزار "لويجي سالفا توري" مدينة طرابلس عام 1873م، وكعادة معظم الرحالة فقد وصف قوس ماركوس أوريليوس وأشار إلى أن القوس عاد ليستعمل حانة لبيع الخمور(2). ويبدو من وصف هذا الرحالة أن القانون التركي الذي يمنع تواجد الحانات قرب المساجد أصبح غير ساري المفعول؟
     وفي عام 1877م زار الرحالة الإنجليزي "إدوارد راي" مدينتي طرابلس ولبدة قادماً إليهما من مالطا. ولقد وصلتنا أخبار رحلته عن طريق كتابه الذي أسماه "بلاد المغرب – رحلة من طرابلس إلى مدينة القيروان" وقد تحدث طويلاً عن مدينة طرابلس ومن خلال حديثه استطعنا التعرف أن قوس ماركوس أوريليوس مازال مستعملاً حانة لبيع الخمور(3).
     في نفس العام 1877م تحدث القنصل الإنجليزي بمدينة طرابلس "فرانك رينجلر دريموند هاي" عن قوس ماركوس أوريليوس في أثناء حديثه عن المدينة ولقد أشار إلى أن المالك الحالي لهذا المبنى الأثري هو عجوز مالطي مهنته بيع الخمور. وقد اشترى هذا المبنى منذ عدة سنوات ليحوله حانة لبيع أحقر أنواع الخمور بالمدينة. وبالإضافة إلى هذا فقد استعمله مخزناً(4).
     أما النقيب الإيطالي "مانفريدو كامبيريو" فقد زار مدينة طرابلس عام 1881م. وذلك في إطار الإعداد لغزو هذه البلاد من قبل الإيطاليين. والجدير بالذكر أن هذا الرحالة يعتبر من غلاة الدعاة الاستعماريين وقد أسهم بنصيب وافر في تكوين الروح الاستعمارية الإيطالية الحديثة(5). لقد خص "مانفريدو" قوس ماركوس أوريليوس بوصف مفصل ودقيق، حيث ذكر أن هذا البناء الأثري الرائع أصبح يخص أحد المالطيين الذي استعمله مخزناً لبيع الخمور بالجملة(6).
     بعد سنتين من زيارة النقيب "مانفريدو" زار مدينة طرابلس الصحفي الإيطالي "بارمينيو بيتولي"، وذلك لتحقيق نفس الغرض الذي جاء من أجله النقيب الإيطالي السالف الذكر. لقد تحدث هذا الإيطالي طويلاً عن مدينة طرابلس، ولم ينس وصف قوس ماركوس أوريليوس، حيث أشار إلى أن هذا المبنى كان وقت زيارته للمدينة يستعمل محلاً للمأكولات الرخيصة(1).
     هذا الصحفي العنصري كان لا يعنيه من وصف مدينة طرابلس ومعالمها الأثرية سوى الدخول إلى الموضوع الأساسي الذي جاء من أجله وهو الإعداد للغزو الإيطالي وكان لا يهمه سوى التهليل والتطبيل للغزو المرتقب. وقد أغمض عينيه عن كل الحقائق التاريخية والحضارية حول ازدهار وتقدم هذه البلاد ليس في العصر الإسلامي فحسب بل وقبل مجيء الرومان أيضاً. لقد حاول هذا الصحفي إقناع الإيطاليين أن بداية التاريخ كانت مع بداية العصر الروماني. وقد قام بهذا لكي يجد للإيطاليين ذريعة لغزو هذه البلاد. لم يقف هذا الصحفي عند هذا الحد بل تعداه إلى عقد مقارنات غريبة تدل على منتهى الحقد على العرب والإسلام. فنراه يقارن بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الرسالة السماوية وبين الإمبراطور ماركوس أوريليوس الروماني الوثني. وقد جاء بهذه المقارنة لا لشيء سوى إعطاء الدليل للإيطاليين بأن الرومان جاءوا هذه البلاد قبل المسلمين لقد نسى هذا الصحفي الذي لا يفهم شيئاً عن التاريخ –حتى تاريخ بلده إيطاليا- بأن الرومان جاءوا هذه البلاد غزاة وقد طردوا منها بدون رجعة أيضاً. نسى بأن هذه البلاد قبل الغزو الروماني كانت بها مدن مزدهرة تحتوي على كل متطلبات الحياة العامة من نظم الحكم الديمقراطية إلى مؤسسات ومرافق لا تزال آثارها باقية حتى اليوم، في حين أن بلاده إيطاليا كانت في ذلك الوقت قبائل متناحرة تسودها الفوضى وتعيش حياة يحكمها قانون الغاب.
     لقد حاول هذا الصحفي تلفيق تهمة تخريب هذا القوس على يد السكان المحليين، حيث ذكر بأن سكان مدينة طرابلس كانوا يسمون هذا القوس (مخزن الرخام) لأن هذا المبنى يشكل مستودعاً للرخام يبني منه الباشا التركي المساجد. إن هذا الكلام بعيد عن الواقع، وكل القرائن تثبت النقيض.
     إن الذي كان يسمي هذا المبنى الأثري مخزن الرخام ليس سكان مدينة طرابلس، بل القراصنة المسيحيون الذين وقعوا في الأسر عند مهاجمتهم مدينة طرابلس. وقد أشار إلى ذلك صراحة الجراح الفرنسي الأسير في مخطوطه الموجود حالياً بالمكتبة الوطنية بباريس(1).
     ويستفاد من وصف الرحالة الذين سبقوا هذا الصحفي بأن قوس ماركوس أوريليوس نال كل تكريم وعناية من قبل سكان مدينة طرابلس. فالرحالة التجاني يقول بأن أهل طرابلس حولوا هذا القوس إلى مسجد لحمايته من الأيدي التي حاولت هدمه. ويصف الجراح الفرنسي الأسير كيف أن سكان المدينة منعوا الحكام الأتراك عدة مرات من أخذ رخامه لاستعماله في إقامة مبان عامة. لكننا إذا تتبعنا وصف الرحالة الأوروبيين لهذا القوس منذ الربع الأخير من القرن الثامن عشر وحتى بداية القرن العشرين نلاحظ أن معظم هؤلاء الرحالة يتفقون بأن هذا القوس قد أهين من قبل الجاليات الأوربية بمدينة طرابلس حين استعملته الجالية المالطية مراراً وتكراراً حانة لبيع الخمور واحتسائها.
     وصف "مارك فورنيل" في كتابه "المدن الثلاث وطرق السودان" قوس ماركوس أوريليوس، وأشار إلى أن هذا المبنى الأثري تحول إلى مساكن حقيرة. وذكر أن العرب والمالطيين شيدوا منازلهم بين دعائم وجدران هذا القوس(2).
     بعد عشر سنوات من وصف الرحالة الفرنسي "مارك فورنيل" وصل مدينة طرابلس "ج. ب. روسي" فأشار إلى أن قوس ماركوس أوريليوس عاد من جديد ليستعمل حانة. ويصف "روسي" هذا المبنى الأثري بعد تحويله إلى حانة بأنه مازال يحتفظ بوضعه السابق منذ أقدم العصور. لكن الشيء الوحيد الذي تغير بداخل هذا المبنى هو وجود قوارير وبراميل الخمر وجرار "اللقبي" ومن خلفها المنحوتات النباتية البارزة، وهي جميعاً تمثل تناقضاً ونشازاً لا يمكن تصوره وقبوله(3).
     في العام 1896م نفسه أعد "لويجي بريكيتي" وصفاً عن قويس ماركوس أوريليوس أشار فيه إلى أن هذا المبنى كان مستعملاً كمطعم حقير للمأكولات الرخيصة يملكه شخص يوناني. وبالإضافة إلى أنه استعمل حانة لبيع الخمور، وعن طريق وصف "لويجي بريكيتي" أمكننا التعرف بأن مالك هذا القوس هو "القرقني" الذي قام بترميمه لغرض إعداده ليصبح مطعماً(1).
     بعد مرور سنتين فقط يذكر "ل. ج. جروت" أن هذا القوس قد تم تأجيره لأحد المالطيين، وكالعادة عند هؤلاء فقد تحول هذا المبنى الأثري إلى مخزن لبيع المشروبات الكحولية(2).
     وأقامت (مابل لودمس تود) زوجة القنصل الأمريكي بهذه المدينة خلال عام 1900م وتكررت هذه الإقامة مرة أخرى عام 1905م وخلالها ألفت كتاباً عن مدينة طرابلس أسمته "أسرار طرابلس" وهو من المصادر المهمة للحياة العامة للمدينة في هذه الفترة. ومن خلال وصف هذه الكتابة لقوس ماركوس أوريليوس استطعنا التعرف أن هذا المبنى كان يستعمل حانة وفي الوقت نفسه مخزناً للفحم(3).
     وقام العالم الفرنسي "هنري دو ماتزيو" بالعديد من الرحلات في منطقة المدن الثلاث خلال الفترة ما بين 1901 – 1906م وألف كتابين تناول فيهما الحياة العامة في هذه المنطقة، ففي الكتاب الأول "عبر المدن الثلاث" أشار بأن قوس ماركوس أوريليوس كان يستعمل ملهى ليلياً (4). لكنه في كتابه الثاني "المدن الثلاث أمس واليوم" أشار بأن هذا القوس كان يستعمل حانوتاً للبقالة(5).
     أما خلال السنوات الأخيرة من فترة الاحتلال التركي للبلاد فقد زار "ايوالد بانز" مدينة طرابلس فترك لنا وصفاً مقتضباً لقوس ماركوس أوريليوس أشار فيه إلى تحويله إلى حانوت لبيع الخضروات والأسماك(6).
     وفي أثناء الهيمنة الإيطالية على البلاد وخلال عام 1929م زارت مدينة طرابلس سائحتان أمريكيتان، ومن خلال رسائلهما إلى ذويهما استطعنا التعرف على أن قوس ماركوس أوريليوس كان يستعمل في بداية الاستعمار الإيطالي مسرحاً وطنياً. وأشارتا إلى أن الإيطاليين قرروا قفل هذا المسرح لكي يقوموا بحفريات حول القوس(1).


هل تحول قوس ماركوس أوريليوس بطرابلس
إلى مسجد في العصور الوسطى
مجلة آثار العرب التي تصدرها مصلحة الآثار ومشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة طرابلس: العدد(2)1991م.


     لقد كان قوس ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس في طرابلس قبيل عام 1912 يختفي تحت الرمال حتى منتصفه وكانت تلتصق به المباني من جميع الجهات شكل (1) ومنذ سنة 1912م قامت مصلحة الآثار بإجراء حفريات حول هذا القوس استمرت حتى سنة 1918م وخلال السنوات 1936 و1937م قام مجموعة من علماء الآثار بترميم هذا القوس وقد ظهرت في عام 1970 دراسة متكاملة حول هذا المبنى الأثري بقلم عالم الآثار الإيطالي سالفاتوري أوريجيما.
     إن هذا القوس من النوع الرباعي الفتحات، وبالتالي فهو يحتوي على أربع واجهات معمارية. ومن خلال القياسات التي أجريت على القوس اتضح أن الأرض التي أقيم عليها هذا المبنى الأثري لم تكن مربعة الشكل تماماً، وبالتالي يمكن أن نلاحظ بسهولة تامة أن الواجهتين الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية أعرض من الواجهتين الشمالية الغربية والجنوبية الشرقية. فمن الناحية المعمارية الواجهتان الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية تحتوي كل منهما على تجويفين كانا يستعملان لوضع تماثيل رخامية، واقفة ويلاحظ بأن كل واجهة من الواجهتين السابقتين تزدان بستة أعمدة ساندة، اثنان يحيطان بفتحة القوس وأربعة تحيط بالتجويفيين عند الجانبيين (شكل (2)) أما الواجهتان الشمالية الغربية والجنوبية الشرقية فمتشابهتان أيضاً وقد عولجتا بطريقة معمارية وفنية أكثر دقة من الواجهتين السابقتين.
     ويلاحظ أن كل واجهة من هاتين الواجهتين الأخيرتين تزدان بأربعة أعمدة ساندة، اثنان يحيطان بفتحة القوس واثنان عند طرفي القوس، ويلاحظ إن جميع هذه الأعمدة تزدان بزخارف جميلة، ويظهر على هاتين الواجهتين نحت بارز يمثل الإله "أبوللو" يركب عربة يجرها أسدان مجنحان والآلهة مينيرفا تركب عربة تجرها زوج من أبي الهول ويلاحظ أن كلا من نحت أبوللو ومينيرفا يكوّنان تكاملاً زخرفياً متناسقاً (شكل (3)).
     ومن خلال وصف الرحالة العبدري والتجاني والرحالة الفرنسي نيكولا دي نيكولاي وعن طريق الرسومات العسكرية التي أعدها الأوروبيون عن مدينة طرابلس خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، عرفنا أن قوس ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس بمدينة طرابلس كان حتى النصف الأخير من القرن السابع عشر، يعلوه بناء سطحي إما على شكل قبة(1) أو على هيئة برج مربع الشكل (2).
     ونحن نتفق مع سلفاتوري أوريجيما في أن أساسات المبنى الذي كان يعلو قوس ماركوس أوريليوس والتي اكتشفها خلال مجساته في بداية هذا القرن، تختلف عن مواد بناء القوس نفسه. ولكننا لا نتفق معه في أن تكون بقايا هذه الأساسات ترجع لفترة الاستعمار الروماني. إننا على عكس أوريجيما نؤكد أن المواد المكتشفة لا تختلف عن المواد التي كانت تستعمل في معظم مدن الجماهيرية إلى وقت قريب في بناء بعض القباب وخاصة مدن الجبل الغربي. ونرى على عكس "أوريجيما" أن الأساسات التي وجدها في مجساته السابقة الذكر ترجع للعصر الإسلامي وليس لفترة الاستعمار الروماني وعلى هذا الأساس فإن القبة أو البرج الذي كان يعلو القوس كان قد بني في العصر الإسلامي على أنقاض البناء السطحي الروماني الذي كان يعلو قوس ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس. ونعتقد أن القوس كان يعلوه بناء سطحي وذلك قياساً مع معظم أقواس النصر في ذلك العصر، وخاصة أقواس مدينة لبدة. لقد عارض الكثير من العلماء رأي أوريجيما بأن يكون لقوس ماركوس أوريليوس بناء سطحي على شكل قبة أو منارة ترجع للعصر الروماني ونذكر من بين هؤلاء ج. بوني ول مارياني(3) وج. ناتي ول تيربا(4) وجيلبرت بيكار(5) وأخيراً المعماري ساندرو ستوكي(6) وهم جميعاً يرون بأن القوس كان يعلوه بناء سطحي والذي بدوره تعلوه عربة تجرها مجموعة من الخيول وعلى العربة تمثال للإمبراطور المكرس له القوس وعادة ما تكون العربة والخيول والتمثال مصنوعة من الرخام أو البرونز (شكل (4)).
     لقد كان أوريجيما يعارض وجود هذا البناء السطحي، وتلك المنحوتات التي كانت تعلوه بحجة أنه لو وجد مثل هذا البناء السطحي في قوس ماركوس أوريليوس لنقش عليه النقش التذكاري لهذا القوس لأن أوريجيما يرى أن النقش التذكاري لا يمكن أن ينقش إلا على البناء السطحي في حالة وجود مثل هذا البناء بالقوس. لقد بنى أوريجيما رأيه قياساً على قوس الإمبراطور تيتوس في روما ولقد بنى أوريجيما رأيه على عدد محدود من أقواس النصر، وهو رأي خاطيء بدون شك، لأننا لو تفحصنا معظم أقواس النصر الموجودة حالياً خاصة تلك التي بالمدن الأثرية بمنطقة الشمال الإفريقي وإيطاليا وفرنسا وغيرها لوجدنا أن النقوش التذكارية لهذه الأقواس معظمها منقوشة إما على الساكف أو على الإفريز أو على كليهما. ففي حال قوس الإمبراطور تيبيريوس بمدينة لبدة الذي شيد بين عامي 35 - 36 ميلادية، نفذ نقشه التذكاري على أحجار الساكف، أما قوس الإمبراطور ترجان بمدينة لبدة أيضاً الذي شيد في الفترة ما بين 109 – 110 ميلادية فإن نقشه التذكاري مكرر مرتين في كل واجهة من واجهتي القوس الرئيسية فقد نفد في المرة الأولى على الإفريز، أما في المرة الثانية فقد نقش على البناء السطحي للقوس، لقد شيد هذان القوسان قبل قوس ماركوس أوريليوس بطرابلس. يوجد قوسان آخران شيدا في مدينة لبدة بعد قوس طرابلس وهما قوس ماركوس أوريليوس وقوس سبتيميوس سيفروس ففي حالة قوس ماركوس أوريليوس الذي شيد عام 172م فقد نفذ نقشه التذكاري على الساكف مباشرة أما النقش التذكاري لقوس سبتيميوس سيفيروس الذي شيد عام 203م فقد نقش على الإفريز.
     وعن طريق هذه المقارنة البسيطة نستطيع إثبات أن كل النقوش التذكارية التي كانت فوق أقواس النصر كانت منقوشة إما على الساكف أو على الإفريز وعلى ذلك نستطيع التأكيد بأن قوس ماركوس أوريليوس بطرابلس سوف لن يخرج عن هذا التقليد.
     لقد سبقت الإشارة إلى أن سالفاتوري أوريجيما كان يعتقد بوجود قبة ثمانية الشكل تعلو قوس ماركوس أوريليوس بطرابلس ويرى أن هذه القبة ترجع لفترة الاستعمار الروماني بالمنطقة ولكي يثبت أوريجيما هذا الرأي استعان برسومات قديمة وبقرائن أدبية، حيث استند إلى رسمين يرجعان للقرن السادس عشر الميلادي واستند إلى قرائن أدبية ترجع لنهاية القرن الثالث عشر، وبداية القرن الرابع عشر، ولبداية النصف الأول من القرن السادس عشر وأخيراً للنصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي.
     يعتبر الرسمان اللذان يرجعان للقرن السادس عشر الميلادي من أقدم الرسومات التي تمثل مدينة طرابلس، حيث يظهر قوس ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس بوضـوح تـام. الرسم الأول (شكل (5)) يمثل المدينة أيام الاحتلال الأسباني (1510 – 1530م) أما الرسم الثاني (شكل (6)) فيرجع تاريخه لعام 1559م. ومن الطبيعي أن الغرض الأساسي من هذين الرسمين هو عسكري محض ونلاحظ أن كلا الرسمين يظهر فيهما قوس ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس على شكل بناء ذي ثلاثة عناصر معمارية: الجزء السفلي بناء رباعي الشكل ذو أربع فتحات يعلوه بناء أسطواني على هيئة الطبل وأخيراً تعلوه قبة صغيرة نصف كروية. ومن مقارنتنا للرسمين السابقين يتضح أن الرسم الذي أعد أيام الاحتلال الأسباني تظهر فيه القبة التي تعلو القوس منخفضة في حين إن القبة التي تعلو القوس والتي أعدت في بداية الاحتلال التركي تبدو أكثر ارتفاعاً.
     ويعتقد أوريجيما بناء على هذه الرسومات إن القبة التي كانت تعلو قوس ماركـوس أوريليـوس يرجع تاريخها إلى فترة الاحتلال الروماني مثلها مثل القوس(7) لكننا نعتقد أن مثل هذه الرسومات لا يجب أن تؤخذ كدليل لإثبات مثل هذه القضايا، لكن الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في مثل هذه الموضوعات هو وصف الرحالة ومقارنة هذا.
     المبنى التذكاري مع أمثلة شبيهة في مناطق مختلفة من العالم القديم.
     لقد حاول أوريجيما الاستعانة بوصف الرحالة لإثبات رأيه حول البناء الذي كان يعلو قوس ماركوس أوريليوس، لكنه ترجم وصف هؤلاء كما يحلو له بعيداً عن جوهر النص، لقد استعان بوصف الرحالة العرب كالعبدري والتجاني، واستعان أيضاً بوصف رحالة فرنسيين أمثال نيكولا دي نيكولاي والجراح الفرنسي المجهول، ومن المعروف أن لغة هؤلاء جميعاً تختلف كثيراً عن لغة أوريجيما –وخاصة اللغة العربية- مما أوقعه في الكثير من الأخطاء.
     حسب التسلسل الزمني أول من وصف قوس ماركوس أوريليوس هو الرحالة العبدري (688 هجرية و1289 ميلادية)، الذي قدم لنا وصفاً دقيقاً لا يختلف عن وصف أي عالم من علماء أشار في العصر الحديث. لقد أثار هذا الرحالة إلى وجود قبة عالية تتوج القوس حيث يقول: "وفي مقعد القبة صخرة مستديرة منقوشة يحار الناظر إليها في حسن وضعها، وعلى القبة قبة أخرى عالية ومبان مرتفعة".
     لقد كان وصف الرحالة العبدري للقبة التي كانت تعلو القوس، وصفاً عابراً وبدون الاهتمام بوصف التفاصيل الدقيقة، وقد قرن هذه القبة بالمباني الإسلامية الأخرى بالمدينة حيث يقول: "وعلى القبة قبة أخرى عالية ومبان مرتفعة" ويبدو أن مواد بناء وكذلك طراز هذه القبة لا يختلف عن مواد بناء وطراز المباني الأخرى بالمدينة. ولقد ركز هذا الرحالة كل اهتمامه بوصف القوس الروماني الذي كان في نظره مبنى جدير بالاهتمام باعتباره يختلف كثير في طرازه ومواد بناءه عن المباني الأخرى التي آلف رؤيتها في منطقة شمال أفريقيا وعليه فإن وصف العبدري يعتبر دليلاً على أن القبة التي كانت تعلو هذا القوس ترجع للعصر الإسلامي مثلها مثل المباني المرتفعة المحيطة بها.
     إننا نجد وصفاً آخر لقوس ماركوس أوريليوس في رحلة التجاني التي جاءت مباشرة بعد رحلة العبدري (706 – 708 هجرية 1307 – 1309 ميلادية) ومن المعروف أن التجاني أقام بمدينة طرابلس أكثر من ثمانية عشر شهراً(8). يصف التجاني القبة التي كانت تعلو القوس قائلاً: "وبين هذه المدرسة(9) وباب البحر مبنى من المباني القديمة العجيبة وهو شكل قبة من الرخام المنحوت المتناسب الأعالي والنحوت"(10).
     إن وصف التجاني للقبة التي كانت تعلو القوس أكبر دليل على أنها بنيت في العصر الإسلامي حيث يصفها بأنها بنيت في عصره "وقد بني عليها الآن –أي على القوس- مسجد يصلى فيه"(11) لقد علل التجاني سبب بناء هذه القبة أن بعض وجهاء المدينة حاول هدم القوس والاستفادة من رخامه حيث يقول: "ولقد حاول بعض الكبراء هدمها –أي القوس- وأخذ رخامها"(12).
     لقد ذكر التجاني ضمن وصفه إن القوس بني عليه مسجد يصلى فيه، ويبدو من هذا الوصف ومن القرائن المادية أن القوس نفسه حول إلى مسجد يصلى فيه، وهو ما يرجحه العقل والمنطق لعدة أسباب وهي:
1- بناء المسجد فوق القوس إجراء غير منطقي لأنه يسبب الكثير من المتاعب للمصلين بصعودهم خمس مرات في اليوم لأداء الصلاة المفروضة. في حين يوجد تحت تصرفهم الفضاء الداخلي للقوس. الذي يمكن استغلاله بسهولة لإقامة المسجد.
2-    ليس في إمكان كل المصلين الصعود فوق القوس لأداء الصلاة(13).
3- من خلال وصف التجاني للقوس كان واضحاً أن بناء المسجد كان بسبب الخوف من كبراء المدينة أن يحطموا هذا القوس ويأخذوا رخامه، ولذلك فمن المنطقي لحماية هذا القوس أن تبنى قاعة الصلاة داخل القوس، وليس فوقه لأن صعود المصلين خمس مرات في اليوم سوف تكون سبباً في تحطيم القوس وليس في حمايته.
4- تثبت كل القرائن أن الجزء الداخلي من القوس هو الذي استعمل كمسجد، حيث وجدت كتابات بارزة على الغلاف الجصي الداخلي من القوس، وقد تم التعرف على التاريخ 75 هجرية الذي يقابله عام 695 ميلادية(14) أيضاً وجدت آثار سيلان الزيت من المصابيح الفخارية(15) التي كانت تستعمل في ذلك الوقت.
     وبناء على هذه الأسباب قام سكان مدينة طرابلس بتحويل قوس ماركوس أوريليوس إلى مسجد يصلى فيه، ولمزيد من الحماية أنشأوا فوقه إما قبة عالية، أو منارة على شكل برج، وذلك لإعطائه مظهر المسجد المتكامل، ولذلك يظهر هذا المبنى لسكان المدينة خاصة الكبراء منهم على هيئة مسجد كامل، وليس على هيئة قوس نصر حول إلى مسجد.
     تعتبر عملية إضافة القباب والمنارات للمساجد عمليات مألوفة في ذلك العصر، ولقد وصف التجاني في رحلته العديد من الإضافات للعديد من المساجد خاصة بمدينة طرابلس. من بين المساجد التي وصفها التجاني مسجد طرابلس الأعظم الذي يقع بين القصبة (قلعة السراي الحمراء) والمدرسة المنتصرية، ولقد أشار التجاني أن الصقلبي قد ابتنى بهذا الجامع الماجل والقبة التي عليه، وأن خليل بن إسحاق قد ابتنى المنار الذي به.
     وعلى ذلك فإن القبة التي كانت تعلو القوس والتي وصفها الرحالة العبدري، والتي ظهرت على الرسومات العسكرية التي أعدها الأسبان وحلفاؤهم الصليبيون خلال الأعوام 1510 – 1530م، وعام 1559م، ما هي إلا مئذنة هذا المسجد، وقد أقيمت ضمن التعديلات والإضافات التي طرأت على قوس ماركوس أوريليوس لتحويله إلى مسجد.
     لقد تحصلنا على وصف آخر للقبة التي كانت تعلو قوس ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس عن طريق الرحالة الفرنسي نيكولا دي نيكولاي (1551م) الذي أشار بأن القوس من الداخل يسيل على جدرانه آثار زيت المصابيح، وتزدان هذه الجدران بزخارف جصية، أما من الخارج فإن القوس يعلوه برج مربع الشكل، ونحن نعتقد أن هذا البرج الذي يعلو القوس هو أقرب إلى المباني الإسلامية منه للمباني الرومانية.
     وأخيراً نجد وصفاً لهذا القوس أعده أحد السجناء الفرنسيين الذي قضى بمدينة طرابلس فترة في الأسر تزيد على ثمان سنوات. ولقد وقع هذا القرصان بين أيدي رجال الأسطول البحري الطرابلسي سنة 1668م، وقد بقى رهن الاعتقال حتى سنة 1676م، لقد ترك لنا هذا الأسير مخطوطة حول إقليم المدن الثلاث سماها التسلسل التاريخي لمملكة طرابلس، وهذه المخطوطة محفوظة الآن بالمكتبة الوطنية الفرنسية بباريس. لقد تحدث هذا الأسير عن إقليم المدن الثلاث في مجلدين كبيرين: الأول يحتوي على 454 صفحة، والثاني يحتوي على 654 صفحة(15)، لقد تحدث صاحب هذه المخطوطة في الجزء الأول من المجلد الأول عن إقليم المدن الثلاث من الناحية الأثرية، أما في الجزء الأخير من هذا المجلد ومعظم المجلد الثاني فقد تحدث عن الأحداث التي مرت بهذا الإقليم خلال النصف الثاني من القرن السابع عشر وحتى سنة 1682م.
     لقد خص هذا القرصان الأسير قوس ماركوس أوريليوس بوصف دقيق لا يختلف عن الوصف الذي خص به في العصور الحديثة. ولكن هذا الكاتب لم يشر إلى القبة التي كانت تعلو القوس رغم أنها كانت موجودة في ذلك الوقت، حيث شاهدناها على رسم عسكري يصور مدينة طرابلس أعد في عام 1685م. والذي يمثل حصاراً لمدينة طرابلس قام به الأسطول البحري الفرنسي تحت قيادة اللواء (دي إسترى) (شكل (7)).
     إننا نعتقد أن هذا الأسير لم يتحدث عن القبة التي كانت تعلو القوس لعدة اعتبارات وهي:
     إن الأسير الفرنسي المجهول عند وصفه لقوس ماركوس أوريليوس كان يركز اهتمامه بالقوس الرومانية دون الإشارة إلى القبة التي كانت تعلوه، والتي بدون شك أضيفت في العصر الإسلامي. ومن المؤكد أن هذا الأسير كان يقصد عدم وصف القوس عندما كان مسجداً رغم أن القبة مازالت تعلوه، لأن هذا البناء الأثري كان قد تحول أيام هذا الأسير إلى مخزن لأشرعة وحبال السفن(16).
     ونلاحظ من خلال المخطوط الضخم الذي أعده هذا الأسير عن المدن الثلاث أنه كان كثير الاهتمام بالمباني الأثرية سواء في مدينة طرابلس (أويا) أو في مدينة لبدة، حيث أشار إلى اكتشاف العديد من النقوش، وتحدث عن نزوله إلى المقابر القديمة التي تم اكتشافها عن طريق الصدفة في ضواحي مدينتي طرابلس ولبدة ومن خلال ذلك وصف الكثير من الأدوات الجنائزية المكتشفة كأنه عالم آثار. وبناء على كل هذه الاهتمامات الأثرية، فمن غير المعقول أن ينسى هذا الأسير التحدث عن هذه القبة التي كانت تعلو القوس لو كانت بالفعل ترجع للعصر الروماني كما يقول أوريجيما، وليس من المعقول أيضاً أن يتجاهل التحدث عنها لو أن هذا القوس مازال مستعملاً كمسجد.
     عن طريق الأدلة التي تحصلنا عليها من الرحالة العبدري والتجاني و(نيكولا دي نيكولاي)، نستطيع إثبات أنه خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي أنشىء فوق قوس ماركوس أوريليوس مبنى علوي ظاهر للعيان إما على شكل قبة مرتفعة أو على شكل برج، وصلت إلينا رسومات تمثله ترجع للقرنين السادس عشر والسابع عشر الميلادي، ونلاحظ أن هذه الرسومات لا تتناقض مع ما دوّنه الرحالة السالف ذكرهم.
     وكما سبق الإشارة من قبل فإن "أوريجيما" حاول إعادة رسم المبنى الذي يعلو قوس ماركوس أوريليوس –والذي يعتقد أنه روماني- عن طريق الرسومات التي ظهر فيها القوس، والتي تمثل مدينة طرابلس خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلادي. ولكي يدعم رأيه حاول ربط هذه الرسومات مع معالم أثرية لها نفس المظاهر المعمارية.
     إن أولى تلك المعالم التي حاول أوريجيما الاستعانة بها ضريح "جولي" بمدينة "جلانوم" (القديس ريمي حالياً) والذي يقع بجنوب فرنسا(18) (شكل (8)). هذا الضريح يتكون أيضاً من ثلاثة عناصر معمارية: قاعدة مرتفعة عليها زخارف نحتية، يعلوها مبنى على شكل متوازي السطوح ذو أربع فتحات يأخذ في مظهره الخارجي شكل قوس نصر رباعي الفتحات، وأخيراً يعلوه مبنى أسطواني الشكل محاط بأعمدة غير ملتصقة والذي بدوره يتوجه مبنى مخروطي الشكل. يعتبر هذا المبنى من النماذج الكلاسيكية الذي يرجع لنهاية القرن الأول قبل الميلاد. وقد أخذه أوريجيما كدليل على أن القبة التي كانت تعلو قوس ماركوس أوريليوس ترجع للعصر الروماني، ولكي يدعم نظريته السابقة استعان أوريجيما بنماذج أخرى ترجع للعصر الحديث، نذكر منها برج "فيلا ريت" عند قصر "سفورزا" بميلانو (1450 – 1566). وبرج "فيسكونتي سفورزا" "بفيجيفانو" وكلاهما في إيطاليا. ونلاحظ أن كلا البرجين يتكونان من مبنى رباعي الشكل، يعلوه مبنى على شكل أسطواني ذو نوافذ، يتوجه مبنى على شكل قبة(19).
     إن هذه المجموعة من المباني الأثرية، التي قدمها "أوريجيما" لكي يثبت بها رأيه حول هذه القضية، لم تكن أدلة مقبولة، لأن وظيفة هذه المباني تختلف تمام الاختلاف عن وظيفة قوس النصر الذي كان من أهم سماته أن تعلوه مجموعة نحتية من الرخام أو البرونز(20). وبناء على هذا فإن قوس ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس بطرابلس كان في العصور القديمة تعلوه منحوتات من الرخام أو البرونز عادة ما تكون على شكل عربة تجرها مجموعة من الخيول يعلوها تمثال للإمبراطور المكرس له القوس وعلى ذلك فمن المستحيل أن يخلو من تلك المجموعات النحتية الدقيقة الصنع (أنظر شكل (4)).ولكن نظراً لقابلية هذه المواد للكسر اندثرت نهائياً أثناء العصر الوسيط والحديث(21).
     وأخيراً بناء على وصف الرحالة التجاني تمكننا من التعرف على أن هذا القوس قد تحول إلى مسجد تقام فيه الصلاة(22). وقد تم هذا العمل خوفاً من كبراء المدينة من تخريبه أخذ رخامه(23)، ولكن أوريجيما يعتقد أن رأي التجاني بني على أساس ؟أن المبنى كان يتكون من جزئين مختلفين في مواد بنائهما، بالإضافة إلى أن الرحالة العربي كان قد تأثر من تشابه المبنى العلوي للقوس مع المباني التي كانت تعلو المساجد(24). إن هذه التحفظات التي أبداها "أوريجيما" ليست مقنعة، بل بالعكس، حيث أن اختلاف مواد بناء الجزء العلوي من القوس هو دليل آخر ضد "أوريجيما" يؤكد بأن هذا البناء العلوي يرجع للعصر الإسلامي.
     يرفض "أوريجيما" فكرة أن يكون الطراز المعماري للجزء العلوي من قوس ماركوس أوريليوس بطرابلس يرجع لأصول إسلامية، ويصر على أنه روماني.
     ويتساءل إن كانت هذه الأصول إسلامية حقاً، فيجب إيجاد نماذج شبيهة لهذا المبنى العلوي في العمارة العربية المبكرة(25). إننا نجيب عن هذا التساؤل بأنه بالفعل توجد العديد في النماذج العربية المبكرة تشبه هذا المبنى العلوي الذي كان موجوداً فوق قوس ماركوس أوريليوس تتمثل في قباب ومنارات ترجع للسنوات الأولى للعصر الإسلامي، ولتأكيد رأينا هذا يجب مقارنة هذا البناء العلوي مع تلك المباني المبكرة.
     ومن المعروف أن السمات البارزة للمسجد منذ بداية العصر الإسلامي وحتى الوقت الحاضر وجود الأبراج والقباب العالية التي اتخذت أشكالاً مختلفة حسب المناطق التي وجدت بها، ومن المعروف أن الغرض الأساسي لهذه الأبراج هو الآذان. ومن حيث القباب فقد اتخذت أشكالاً كثيرة تبعاً لمظهرها الخارجي، فتوجد قباب بشكل نصف كرة، أو كجزء من كرة مدببة، أو مخروطية أو بصلية أو مضلعة (متعددة الأضلاع)، وقد يكون للقبة طنبور يتخلله نوافذ على شكل أقواس(26).
     ومن الأمثلة التي تساعدنا على تقريب الصلة بين المبنى الذي كان يعلو قوس ماركوس أوريليوس وتلك القباب الإسلامية المبكرة، نذكر مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة 879م حيث يوجد بصحن المسجد مبنى الميضأة المربع الشكل والذي تعلوه قبة فوق تشبه تلك التي كانت قوس ماركوس أوريليوس بطرابلس (شكل (9)). ولقد سبق أن رأينا نفس النمط من العمارة في القدس ودمشق(27) من خلال قبة.
     الصخرة 691 – 692م (شكل (10))، ومن خلال القبة التي كانت تعلو رواق الصلاة بالجامع الكبير بدمشق 705 – 706م، وتوجد في أفريقيا الشمالية الغربية مساجد مشهورة لها قباب مرتفعة ومآذن عالية. ومن المعروف أن منطقة المدن الثلاث في فترة من فترات تاريخها الإسلامي كانت تتبع هذه المنطقة من الناحية السياسية، ومما لا شك فيه أنها تأثرت بها في طرزها وفنونها. ومن بين تلك المساجد جامع عقبة بن نافع بالقيروان(28)، وهو نموذج مثالي لكل المساجد التي بنيت في القسم الغربي من العالم الإسلامي. لقد بني هذا الجامع عام 675م. وجدد بناءه عدة مرات فيما بعد. وهذا المسجد تعلوه قباب منخفضة وتشرف عليه مئذنة كبيـرة مربعة الشكل عريضة القاعدة ذات ثلاث مصاطب متفاوتة الاتساع(29) (شكل (11)). ويعتبر الجامع الكبير بتونس من النماذج المهمة، حيث كان تعلوه العديد من القباب القريبة الشبه من المبنى الذي كان يعلو قوس ماركوس أوريليوس (شكل (12)). أسس هذا الجامع حسان بن النعمان في الربع الأخير من القرن الأول الهجري، وأعاد بناءه عبيد الله بن الحبحاب سنة 114هـ.
     يعتقد سالفاتوري أوريجيما أن هذه النماذج المعمارية الإسلامية تعتبر امتداداً للعمارة البيزنطية التي ظهرت في القرن السادس الميلادي، ولكننا لا نتفق مع "أوريجيما" في حجته هذه لأنها واهية وغير منطقية وذلك لسبب وجيه وهو أن الحضارات بصفة عامة وفن العمارة بصفة خاصة لا يمكن أن تولد من عدم، وأن لكل فن جذوره ومؤثراته ولذا يجب أن يقال في هذا الموضوع، وخاصة موضوع العمارة العربية، إن العرب اقتبسوا من الفرس(30) والبيزنطيين في بادي الأمر، ولكنهم تحرروا سريعاً من هذه الاقتباسات، وانتهوا إلى إبداع طراز مستقل خصب(31). وعلى هذا الأساس لا يجب على أوريجيما أن ينكر وجود فن عربي إسلامي، لأنه لو أنكر على الفن العربي اقتباسه من فن الفرس والبيزنطيين، فيجب عليه أن ينكر على الفن البيزنطي اقتباسه من الفن الروماني، ويجب عليه أن ينكر على هذا الأخير اقتباسه من فن الإغريق وعلى هذا الأساس علينا أن ننكر نحن أيضاً اقتباس هذا الفن من فنون المراكز الحضارية العربية القديمة، وبالتالي يمكننا إنكاره بالكامل، لأن فن الإغريق مبني على فنون منطقة ما بين النهرين ومنطقة وادي النيل.
     وفي الختام نستخلص من كل هذا أن قوس ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس بطرابلس كان يعلوه في العصر الإسلامي مبنى إما على شكل قبة مرتفعة، على حسب وصف الرحالة العبدري، وإما كان يعلوه برج مربع الشكل على حسب وصف الرحالة الفرنسي نيكولا دي نيكولاي. وقد جاءت الرسومات التي كانت تمثل مدينة طرابلس خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر لتعطي الدليل على صحة هذا الوصف. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن مواد بناء هذه المبنى العلوي من القوس كانت من أحجار عادية، ولهذا السبب فإن هذا البناء لم يقاوم تقلبات الزمن، وعلى العكس من ذلك مواد بناء القوس نفسه كانت من الرخام الصلب والتي استطاعت الصمود حتى وصلت إلينا في الوقت الحاضر. إن عملية سرعة انهيار واختفاء المبنى العلوي من القوس لدليل واضح بأنه يختلف في مواد بنائه عن القوس نفسه وأخيراً فإن المجسات التي أجراها أوريجيما سنة 1912م، فوق سطح القوس للتعرف على أساسات البناء العلوي المندثر، كانت نتائجها مخيبة لآماله، فلم تبرهن على وجهة نظره، إذ أكدت اختلاف المواد المستعملة في بناء القوس وتلك التي شيد بها البناء العلوي(32)، في حين دعمت رأينا بأن ذلك البناء كان قد شيد في العصر الإسلامي كجزء مكمل لاستخدام مبنى قوس النصر كمسجد.
















الهوامـش:
1- محمد العبدري، الرحلة المغربية، الرباط، جامعة محمد الخامس، 1968، ص 82.
2- Nicolas de Nicolag, les quatre premiers livres des navigations et pérégrinations orientales, Lyon, par Guillaume Roville, 1568, p39
3- Sandro stucchi, Divagazioni archeologiche, Rome, l'Erma di Bretschneider, 1981, p. 137.
4- Salvatore Aurigemma, il coronamento architettonico dell'arco di Marco Aurelio in Tripoli, Africa Italiania. Vol n 1 – 2 Roma,1933, p. 142.
5- Gibert Picard, Empire nomain, Fribourg, Office du livre, 1964, p. 177.
6- S. Stucchi, ibid, p. 137 – 138.
7- Salvatore Aurigemma, ibid, p. 135 – 161.
8- رحلة التجاني، ص 280.
9- المقصود هنا المدرسة المنتصرية، التي وردت في بعض النسخ باسم المدرسة المنتصرية التي كان بناؤها على يد الفقيه أبو محمد عبد الحميد بن أبي البركات بن أبي الدنيا سنة ستمائة وخمس وخمسين إلى سنة ستمائة وثمان وخمسين، وتعتبر هذه المدرسة من أحسن المدارس بطرابلس.
10- وردت هذه الكلمة في بعض النسخ (النحوت).
11- المقصود هنا القوس نفسه.
12- رحلة التجاني، ص 253.
13- Sandro Stucchi, Divagation archeologiche, Rome, l'Erme di Bretschneider, 1981, p. 137.
14- Salvatore Aurigemma, l'arco, p.14 - 15.
15- Nicola de Nicolag, les quatre premiers livres de navigations et pérégrinations orientales, Lyon, 1568, p. 39.
16- Histoire Chronologique du Royaume de Tripoli de Barbarie, Bibliothèque Nationale de Paris, fond François codd. Mss. 12219.12220.1.2.
17- Histoire Chronologique du Royaume la feuille 34 R.
18- Salvatore Aurigemma, il coronamento. P. 152 -153.
19- Salvatore Aurigemma, il coronamento. P. 160 – 161.
20- D. F. Azzawi, Les ares de triomphe et les portes triomphales en proconsulaire et en Numidie, Thèse de doctorat de 3eme cycle, Université de Paris IV 1975, p. 188.
21- A. L.Frothingham, de la véritable signification des monuments romains, qu'on appelle "arcs de triomphe", Revue archéologique, Paris, Ernest Leroux éditeur, 1905, p. 221 – 222.
22- رحلة التجاني، ص 252.
23- رحلة التجاني، ص253.
24- D. F. Azzawi, Les ares de triomphe, p. 1880.
25- S. Aurigemma, il coronamento, p. 156.
26- صالح لمعي مصطفى، القباب في العمارة الإسلامية، دار النهضة العربية، بيروت، ص 11.
27- A. Papadopoulo, l'islam et l'art musulman, Paris, Mazenod. (coll. "l'art et les grandes civilisations") 1976, p. 254.
28- نفس المرجع السابق، ص 254 – 255 – 501.
29- غوستاف لوبون، حضارة العرب، (تعريب عادل زعيتر)، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، 1964، ص 259.
30- لقد استمدت الفنون الفارسية أصولها من الفنون العربية القديمة في منطقة ما بين النهرين، راجع بالخصوص محمد علي عيسى، الغزاة والمراكز الحضارية العربية القديمة، مجلة آثار العرب، العدد الأول، الفاتح، سبتمبر، 1990م، ص. ص. 66 – 73.
31- غوستاف لوبون، حضارة العرب، ص 523.
32- S. Aurigemma, il coronamento. P. 152.



(1)  محمد العبدري، الرحلة المغربية (تحقيق محمد الفاسي)، الرباط، جامعة محمد الخامس، 1968 م، ص 82.
(3) رحلة التجاني أبي محمد عبد الله بن محمد بن أحمد التجاني، الدار العربية للكتاب، طرابلس تونس، 1981 م، ص 251.
(1)  محمد العبدري، الرحلة المغربية، ص 82.
(2) Nicolas de Nicolay, les quatre premiers livres de navigations et peregrinations orientales, Lyon: 1558, p.39.                                                                                                                                      
(3) Histoire chronologique du Royaume de Tripoli de Barbaire, Bibliotheque Nationale de Paris fond. Français, codd. Max. 12219, 1220, 1, 2. Vol.. p. 33 v a 34 v.                                                         
(1) Sandro Stucchi, Divagazioni archeologiche, Rome l'erma di Bretschneider, 1981, p. 137.
(2)  المرجع السابق.
(2) Voyage du sr. A. De la Motraye en Europe, Asie et Afrique. T.1 La Haye, chez T. Johnson et J. van duren, 1727, p. 109.                                                                                                                  
(3) (Les peres Codfray, Ministre de Metz. Comlin, Ministre D'Audrigny et philemon de la Motte), Tunis et Alger, contenant L'histoi-natourelle et politique de ces paes, la manie maniere dont les trucs y traditions les sclaves, come on les rachete et diverses aventures curicuses. Avec la tradition de l'Eglise pour le rachat au le soulagement des captils. A. Roues, chey pierre Machuel, rue S. Io. DCC XXXXI, P. 34.     
(1) Mary Wartely Montague, voyage a Tripoli au relation d' un sejour des annees en Afrique (traduit de l'anglais pour la seconde edition par J. Mac Carthy) a Paris chez p. Mongie Sine libraire, 1819, p. 19.
(2) George Frances Lyon narrative of travels in northen Africa, in the years 1818, 1819 and 1820 accompanied by geographical umes of the several natives of NorthenNiger With Chart of routes and a variety of coulored pathes illustrative of the costumes of the several natives of northen Africa, by captain  G. F. Lyon, R. N. Companion of the late Mr. Ritchie (London, J. Morray 1821) p. 16.                        
(1) Gerhard Rohlfs, Van Tripolis nach Alexandrien, Beschreibeurg de im Auftrage sr. Majestat des Kon.
(3) Edward Rae F. R. G, S. The Country of the Moors. A. Journey from Tripoli in Barbary to the city of Kairuan: map and illustration London John Murray, 1877, p. 68.
(4) R. Lambert Playfair, travels in the footsteps of Bruce in Algria and Tunis, illustrater by faesimile of his original drawing London Regon 1877, p. 281.
(5)  خليفة محمد التليسي، حكاية مدينة، الدار العربية للكتاب، طرابلس تونس، 1974م، ص 171.
(6) Salvatore Aurigemma (l'arco, p. 103).
(1) Ibid. p. 109.
(3)  مابل لودمس تود، أسرار طرابلس، طرابلس – الفرجاني، 1968، ص، ص، 84 – 91.
(5) H. M. de Mathuisienlx, A travers la tripolitataine d'hier et de demain, Paris, Hachette, 1912, p. 8.
(1) د. لوبنس سميث و هـ. لويز بريستون، مدينة طرابلس بمدخليها الغربي والشرقي في رسائل إلى الأهل (ترجمة د. الهادي أبو لقمة) جامعة قار يونس، بنغازي، المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان، 1980م، ص 23. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق